• مقدمة عن ظاهرة البلى اللفظي
والكلِماتُ القَصِيرةُ كثيرًا ما تُقاوِمُ الانْحِرافاتِ الَّتي تُصِيبُ الكلِماتِ الطَّويلةَ بِاطِّرادٍ ، أَمَّا الكلِماتُ الطَّويلةُ فعلَى العَكْسِ مِنْ ذلِكَ ؛ تُـقَدِّمُ لَنا في بَعْضِ الأَحيانِ انْحِرافاتٍ خاصَّةً ناجِمةً مِنْ طُولِـها .
وهذِه بِوَجْهٍ خاصٍّ هِيَ الحالُ بِالنِّسْبَـةِ لِكلِماتٍ كثيرةِ الاسْتِـعْمالِ ، ومِنْ ثَـمَّ يُمْكِنُ فَهْمُها قَبلَ النُّطْقِ بِها لِكَـثْرةِ اسْتِعْمالِـها ، إِلَى حَدِّ أَنَّ المتكلِّمَ يَسْتَطيعُ أَنْ يُعْـفِيَ نَفْسَه مِنْ تَوْضِيحِ النُّطْقِ بِها مُكتَـفيًا بِنُطْقِها في صُورةٍ مُختَصَرةٍ ؛ فالبِلَى الصَّوْتِيُّ واضِحٌ فيها بِدرجةٍ خاصَّةٍ .
وهذِه الأَلْفاظُ في عُمُومِها : إِمَّا آلاتٌ مُسَاعِدةٌ في اللُّغةِ ، وإِمَّا عِباراتٌ مَحفُوظةٌ مُتدَاوَلةٌ ؛ وهِيَ لذلِكَ لَيْسَتْ في حاجةٍ إِلَى وُضُوحِ النُّطْقِ الَّذي تَقْـتَضِيه الرَّغْبةُ في الإِفْهامِ ؛ فيُصِيبُها حينَـئِذٍ تِلْكَ الظَّاهِرةُ الَّتي سَمَّاها اللُّغَوِيُّونَ : ( البِلَى اللَّفْظِـيَّ ) ، كما يبْـلَى الثَّوْبُ وكما تَبْـلَى العُملاتُ الوَرقِيَّـةُ والمعدِنيَّـةُ لِكثرةِ التَّداوُلِ بِالأَيْـدِي تَبْلَى الأَلْفاظُ أَيْضًا .
ومِنَ الأَلْـفَاظِ الَّتي تُـعَاني هَـذَا القَـصَّ والبِـلَى : الأَدواتُ الَّتي تَـدُورُ كـثيرًا في الكَـلَامِ ، وكذلِكَ كلِماتُ التَّحِيَّـةِ الَّتي يُـرَدِّدُها النَّاسُ صَباحَ مَسَاءَ ، وما شَابَههَا…
الحمد لله الذي هدانا لمعرفة هذا العلم. حفظ الله الشيخ المحدث، وبارك في الناقل.
بارك الله فيكم